توقير الحبيب
سيدنا محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
"وفف صاحبنا الدكتور الشيخ ذو الثقافة الغربية يتحدث في مناسبة دينية ، وقد ذكر في خطبته رسول الله صل الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة ، باسم محمد مجردا دون صلاة أو تسليم : جاء محمد – تكلم محمد – حارب محمد الخ... .
فلما انتهى من خطبته همست في أذنه دون أن يسمع أحد :قائلا ياسيدي الفاضل كان من المفروض ألا تذكر محمدا صل الله عليه وسلم إلا مقرونا بالصلاة والتسليم ، استجابة لقوله تعالى" إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (الأحزاب 56 ).وخصوصا أنك تشغل منصبا رسميا حساسا .
ظهر الغضب على وجهه وقال وهو يُسمع الجميع : يافلان المهم النية ، وربنا رب قلوب ، مش رب كلام . فرددت عليه قائلا : ياسيدي الفاضل إن الفعل " قُــلْ ": ورد في القرآن أكثر من 300 مرة . والأقوال دليل على النوايا , ومظهرة للأفعال ، وإلا ما قال رسول الله صل الله عليه وسلم " قل آمنت بالله ثم استقم " وماقال " لنا الظاهر وعلى الله السرائر" , وما قال " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟؟ " و " المرء بأصغريه قلبه ولسانه" .
ولماذا لا نقتدي بسلفنا الصالح ولهم في توقير الرسول صل الله عليه وسلم بعد لحاقه بالرفيق الأعلى آيات بليغات تدل على التوقير العميق لمحمد صل الله عليه وسلم , وقد قال بعضهم : إن حرمة النبـي صل الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه بعد موته لازم كما كان حال حياته ، وذلك عند ذكره – صل الله عليه وسلم - ، وذكر حديثه وسنته , وسماع اسمه وسيرته ، ومعاملة آله وعترته ، وتعظيم أهل بيته , وصحابته .
وقال أبو إبراهيم التجيبي : " واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذُكِر عنده أن يخضع ويخشع ، ويتوقر ويسكن من حركته ، ويأخذ في هيبته وإجلاله بما يأخذ به نفسه لو كان بين يديه ، ويتأدب بما أدبنا الله به .
ومما جاء كذلك عن سلفنا الصالح وأئمتنا الماضين رضي الله عنهم :
ـ ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال : أ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا صواتكم فوق صوت النبـي) (الحجرات 2)
ومدح قوما فقال ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم )( الحجرات 3)
وذم قوما فقال : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون )(الحجرات 4)
وإن حُـرمته ميتا كحرمته حيا "
ـ وكان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي- صل الله عليه وسلم- فيُـنْـظر إلى لونه كأنه ينزف منه الدم ، وقد جف لسانه في فمه هيبة منه لرسول الله صل الله عليه وسلم.
ـ ويروي أن الإمام مالكا كان إذا أتاه الناس خرجت إليهم الجارية فتقول لهم : يقول لكم الشيخ : تريدون الحديث أو المسائل ؟ فإن قالوا المسائل خرج إليهم ، وإن قالوا الحديث دخل مغتسله ، واغتسل وتطيب ولبس ثيابا جددا ، ولبس ساجة (طيلسان), وتعمم ، ووضع على رأسه رداءه ، وتُـلقى له منصة ، فيخرج فيجلس عليها ، وعليه الخشوع ، ولا يزال يتبخر بالعود حتى يفرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولم يكن يجلس على تلك المنصة إلا إذا حدث عن رسول الله صل الله عليه وسلم . وقيل لمالك في ذلك فقال " إني أحب ان أعظم حديث رسول الله صل الله عليه وسلم ولا أحدث به إلاعلى طهارة متمكنا .
ـ وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم ، مستعجل وقال : أحب أن أفهم حديث رسول الله صل الله عليه وسلم
ـ قال عبد الله بن المبارك " كنت عند مالك وهو يحدثنا فلدغته عقرب ستة عشرة مرة وهو يتغير لونه ويصفر ، ولا يقطع حديث رسول الله ـ صل الله عليه وسلم – فلما فرغ من المجلس وتفرق عنه الناس قلت : يا أبا عبد الله لقد رأيت منك اليوم عجبا " قال " نعم إنما صبرت إجلالا لحديث رسول الله – صل الله عليه وسلم -
ـ وكان قتادة يستحب أن لا يقرأ أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم - إلا على وضوء ، ولا يحدث إلا على طهارة .
ـ وكان الأعمش إذا اراد أن يحدث وهو على غير وضوء تيمم .
وكل ذلك – وغيره كثير – إنما جاء من السلف الصالح والأمة الكرام توقيرا للرسول – صلى الله عليه وسلم – وحبا له ، وتعظيما لسنته ووفاء لذكره صلى الله عليه وسلم .
ولكننا في أيامنا هذه المنكوبة المكروبة نجد من لا يهتم بتوقير رسول الله – صلى الله عليه وسلم - . مع أنه لو تحدث عن رئيس أو وزير استعمل كلمات التفخـيم والتعظيم , مثل " سيادته" , و "معاليه" . هلا ذكر هذا الرجل ـ ذو الحيثية ـ ما قدمناه من شواهد التوقير . ونختم مقالنا بالحقيقة التالية التي قدمها بعض السلف " ..ومن فضله – صلى الله عليه وسلم – أن الله تعالي أعطاه اسمين من أسمائه فقال " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "التوبة 128 .
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق